مسئولية المستحوذ في شركات المساهمة : غيرالمفلسة و المفلسة

الملخص AR

تمثل حماية شركات المساهمة و المساهمين فيها و المتعاملين معها اهمية بالغة لما تضطلع به من تنفيذ مشروعات عملاقة تمس معظم مناحى الحياه الاقتصادية نظرا لضخامة رأسمالها، لاسيما المفتوحة منها.

فهذه الشركات تلجأ الى طرق ووسائل عديدة لتكوين تكتلات و كيانات اقتصادية ضخمة تكون قادرة على مجابهة المنافسة الشرسة التى تجتاح قطاع الاعمال على المستويين المحلى و الدولى.

فالقوة الاقتصادية التى تتمتع بها تلك التكتلات تجعل معظم الدول تسند اليها تنفيذ المشروعات العملاقة ذات البعد القومى، الأمرالذى يتطلب الاهتمام بالمنظومة التشريعية التى تحكم مزاولة تلك الشركات و التكتلات لأنشطتها لتحقيق أكبر قدر من الأمان لها في ذاتها ولمن ينتمون اليها او يتعاملون معها في ذات الوقت.

وكذلك فان شركات المساهمة هى الوعاء الذى تصب فيه مدخرات صغار و كبار المدخرين الذين ينضمون اليها بالاكتتاب في رأس مالها.

و يحتاج هؤلاء لوسائل حماية فعالة للحفاظ على أموالهم و تنميتها و بث روح الطمأنينة لديهم تجاه القائمين على ادارة تلك الشركات.

فقد يصل عدد مساهميها الى الالاف بل الملايين في ضوء اتساع رقعة نشاطها و ضخامة رأسمالها التى تتحقق بتكوين تكتلات اقتصادية قد تفوق قدراتها المالية ميزانيات بعض الدول.

ويجب أن تمتد تلك الحماية لتشمل كافة المتعاملين مع الشركة، سواء العناصر البشرية التى تعمل لديها او المتعاقدين معها من موردين لمواد انتاجها او مقاولين منفذين لمشروعاتها او جهات تمويل و منح ائتمان قصير او متوسط او طويل الاجل لتمكينها من القيام بالمهام الموكلة اليها.

وما يجعل تلك الحماية للشركة ذاتها و المساهمين فيها و المتعاملين معها اكثر ضرورة في الوقت الحاضر ما طفا على السطح القانوني في السنوات الاخيرة من وسائل سيطرة عليها، من اهمها وسيلة الاستحواذ التى غزت الفكر القانونى المصرى مؤخرا.

فالاستحواذهو امر جديد في مصر و لكن لفظا فقط و ليس معنى.

فهو قائم وموجود في التشريعات التى تحكم تداول الاسهم في شركات المساهمة، فهو من حيث المعنى شراء اسهم شركة معينة بنسبة تمكن المشترى من السيطرة عليها.

فالاستحواذ بهذا المعنى القديم هو شراء اسهم الشركة بقصد السيطرة عليها.

ومنشأن الاستحواذ تركيز ملكية رأس مال الشركة في شخص معين طبيعى او اعتبارى و ما يترتب على ذلك من تمكينه من رسم سياسات الشركة المستقبلية و قدرته على اتخاذ القرارات المصيرية في نشاطها و حياتها بدلا من بعثرة الاسهم على عدد كبير من المساهمين، فيؤدى كثرتهم وقلة مساهمة كل منهم في رأسمال الشركة الى عدم الاهتمام بحضور اجتماعات جمعياتها العامة و عدم الاشتراك في القرارات التى تصدر عنها.

فأصبحت تلك الجمعيات العامة بمثابة " البرلمان الغائب ".

ففي ظل هذا الغياب قد يسيطر على حياة الشركة و قراراتها نسبة ضئيلة قد لا تتعدى 10 % او 15 % من ملكية رأس المال.

فهؤلاء المالكون لتلك النسبة يسيطرون على مقدرات الشركة في وضع يصعب معه في كثير من الاحيان تحديد شخص المسئول عن الاثار الضارة التى قد تنجم عن القرارات المتخذة.

فلا يظهر هؤلاء، على الاقل مستنديا، بمظهر القائمين على ادارة الشركة.

اما في حالة الاستحواذ و تركيز ملكية راس المال في اشخاص محددين قانونا و مستنديا، فانه يسهل تحديد القائمين على ادارة الشركة و مساءلتهم عن تصرفاتهم و قراراتهم الضارة.

و لا شك ان تلك ميزة هامة يحققها الاستحواذ.

ولكن على الجانب الاخر لا يخلو الاستحواذ من مثالب كشف عنها التطبيق العملى في الاونة الاخيرة.

فالسيطرة على الشركة و مقدراتها و قراراتها اصبحت في يد عدد قليل يبتغون في معظم الاحيان تحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الشركة ذاتها و مصلحة المساهمين الاخرين فيها، بل و اغتيال حقوق من يتعاملون معها.

و هذا احد عيوب الاستحواذ الذى لا يجوز الاستهانة به و يتعين وضع ضوابط تشريعية للحد منه او القضاء عليه.

فالشركة بعد ان تنشأ و تبدأ في مباشرة نشاطها تنفصل مصالحها عن مصالح المساهمين فيها و لو كانوا اغلبية، فهناك مصلحتها الاجتماعية المتمثلة في الحفاظ على العمالة لديها و عدم تسريحها، و مصلحتها الاقتصادية المتمثلة في تنمية مواردها للارتقاء باحوالها المالية لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها تجاه المتعاملين معها لاسيما المؤسسات المالية التى تمنحها القروض و التسهيلات الائتمانية.

تلك المصالح يتعين حمايتها و الحفاظ عليها من عبث المسيطرين على الشركة و القائمين على ادارتها.