الإيبستيمولوجيا المعاصرة في دراسات علم اجتماع المستقبل

الملخص AR

الإبستيمولوجية المعاصرة في دراسات علم اجتماع المستقبل
الباحثة/رحاب أحمد عصمت

نهض العلم كنسق معرفي مستندا إلى نظرية معرفية منفصلة عن المعرفة الدينية و النظرة المثالية و خاصة الميتافيزيقية، حتى أصبح العلم ليس شيئا غير البحث المنهجى عن المعرفة.

و تحددت النظرة العلمية في ملاحظة الظواهر المادية الكونية، ثم الاجتماعية، بإعتبارها وقائع وضعية محكومة في حركتها بقوانين تحكم و جودها.

وقد إستندت في ذلك على مسلمات المنهج العلمى من الحتمية و السببية و انتقلت هذه النظرة الوضعية للعلم إلى دراسة العلوم الانسانية و الاجتماعية بما فيها علم الاجتماع.

وقد حدثت تطورات في النسق العلمى انتهت إلى أن هناك " نسبية " في نظرة الإنسان للوقائع.

و هكذا ظهرت نظرة معرفية ( ابستيمولوجية ) جديدة.

و انعكس ذلك بصورة أوضح في مجال العلوم الاجتماعية، فلم تعد هذه العلوم تؤكد على مبادئ الإرتباط العلي بين شواهد الظواهر الاجتماعية.

و ظهر ذلك في علم الاجتماع في الدعوة إلى الفهم و التأويل للظواهر الاجتماعية حسب تصور أصحابها لها؛ و بذلك تأكدت من جديد عملية الكشف عن الإرتباطات بين الظواهر بشكل أكثر من العلية و الإضطراد، و لكن بالفهم الذاتى و الموضوعى و المحايد، و التركيز على الجانب الكيفي بجانب الجانب الكمى في إحراز المعرفة العلمية.

ولما كان فرع علم الاجتماع المستقبل مهتما بإستشراف مستقبل ليس له شواهد ملموسة؛ و بالتالى هو أقرب إلى الرؤية التى تفسح مجالا للذاتية، فإن النظرة المعرفية الأبستيمولوجية المعاصرة تفتح مجالا لإستشراف الظواهر الاجتماعية المستقبلية بصورة لم تقدمها الإبستمولوجية الكلاسيكية، مع التأكيد على الطبيعة العلمية للظواهر الاجتماعية حسب المنظور الإبستيمولوجى المعاصر.

و تحاول هذه الورقة تأصيل تلك النظرة الإبستمولوجية المعاصرة، و التدليل على إمكانية توظيفها في دراسات علم اجتماع المستقبل بصورة تتجاوز الإشكاليات المنهجية التقليدية التى تواجه علم اجتماع المستقبل.