ماهية اللغة بين عبثية الكلمات وشاعريتها

الملخص AR

لم تتخذ اللغة عند العبثيين مكانة متميزة، حيث تستنفد اللغة ذاتها في كونها مجرد أداة للتواصل الوهمي بين البشر، و التعبير عن عبثية العالم.

و من ثم، لم يتجاوز العبثيون النظرة الأداتية للغة، أي أنهم لم يتجاوزوا الأسلوب التقليدي في فهم طبيعة اللغة كمجرد أداة يتم توظيفها للتعبير عن رؤيتهم العبثية للحياة و الإنسان، دون أن يكون لها أي موسيقى شاعرية الكلمات.

في حين أن الطابع الشاعري للغة يكشف عن كونها أكثر من مجرد أداة للتعبير في مجال حياتنا اليومية، أو كونها وسيلة للاتصال المباشر بين البشر؛ حيث إن اللغة لا تكشف عن ماهيتها في كل هذا؛ بل تتجلى قدرتها – بخلاف ذلك- على إبداع معان جديدة، أو بالأحرى إنها تظهر ما يكون حاضرا في كلماتها و تفصح عنه.

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على الدلالة الأنطولوجية للغة بطابعها الشاعري، مع بيان الكيفية التي يبدع بها التعبير الوجود، كما تناقش الدراسة رؤية العبثيين للغة بوصفها مجرد أداة للتعبير عن عبثية العالم.

و من ناحية أخرى، تسعى هذه الدراسة إلى استكشاف طبيعة الصمت، وبأي معنى يتأصل التكلم في الصمت، كما تناقش – كذلك- ما يميز شاعرية اللغة عن لغة الحياة اليومية.

و بذلك، فإن هذه الدراسة تحاول الإجابة عن التساؤلات التالية: أتختزل اللغة ماهيتها – كما يرى العبثيون- في كونها مجرد أداة للتواصل الوهمي بين البشر؟ أم أنها قول و إظهار لأنفسنا و للوجود؟ و إن كانت اللغة بوابة ننفتح عندها على حقيقة العالم و على أنفسنا، فهل تستنفد طبيعتها في كونها مجرد وسيلة للاتصال أو أداة للتعبير في مجال حياتنا اليومية؟ وهل الإنسان في الصمت لايزال لديه القدرة على تكشف و إظهار شيء ما، أم أن الصمت يعمق إحساسنا بالعزلة و الوحشة؟
أما المنهج الذي ستستخدمه الدراسة في سبيل تحقيق تلك الأهداف، فهو المنهج التحليلي المقارن، الذي يهدف إلى تحليل مضمون نصوص العبثيين للوقوف على أفكارهم عن لاجدوى اللغة و مقارنتها بنصوص أخرى تسلط الضوء على أنطولوجيا اللغة و طابعها الشاعري.