مواقع الاستيطان في ساحل الخليج العربي في الألف الخامس قبل الميلاد في ضوء التنقيبات الأثرية الحديثة

الملخص AR

مثلت منطقة الخليج العربي أهمية استراتيجية كبيرة في مناطق الشرق الأدنى القديم، حيث كانت ممرا حيويا تجاريا ربط بين شبه الجزيرة العربية بمفهومها الواسع و بين مناطق السند و الهند و أواسط آسيا.

و رغم ظهور بعض تجمعات الصيادين منذ الألف السادس قبل الميلاد على ساحل الخليج العربي؛ إلا أن ظهور المستوطنات في ساحل الخليج العربي ارتبط بحالة الاستقرار الزراعي و الرعوي الذي بدأ يظهر بشكل واضح منذ الألف الثالث قبل الميلاد، و تتناول الدراسة الحالية ظهور إرهاصات الاستيطان في مناطق الخليج العربي، هذه المستوطنات الي أفرزت عن العديد من الآثار البشرية التي تشير لوجود مناطق حضارية مهمة على ساحل الخليج أبرزها الدعسة بقطر، ودلما و عقب و البحيص بالإمارات و رأس الحمرا بعمان، و لعبت تلك المواقع دورا حيويا في استدامة التواصل الجيوبوليتيكي بين مناطق الشرق الأدنى القديم، وقد ظهرت السمات و التكوينات الحضارية بشكل بارز في الجزء الشرقي من شبه الجزيرة أي منطقة الخليج العربي، سابقة في ذلك النماذج الحضارية في جنوب و شمال و غرب ووسط الجزيرة العربية، و مرجع ذلك يعود إلى الطبيعة الجغرافية التي تميزت بها منطقة الخليج، و أهمها توفر المياه بشكل و اضح، في الوقت الذي كانت فيه شبه الجزيرة العربية و مناطقها طاردة للسكان و منبع هجرات تاريخية خرجت منها لتؤسس ممالك ودول في مناطق خارجها بسبب الطبيعة الصحراوية و فقر المياه والموارد المعيشية، في حين أن الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية و الخليج تحديدا توفرت لديه مقومات الحضارة و الازدهار، فبالإضافة إلى المياه؛ توفرت المواد الخام من الأحجار و غيرها، و لذا فأولى المستوطنات الحضارية كانت في الخليج العربي، في حين نرى أن مستوطنات و حضارات شبه الجزيرة تكونت في مناطق خارج شبه الجزيرة العربية.