الفلسفة. . و أسئلة المستقبل

الملخص AR

كثير من الناس يتصورون أن دور الفلسفة يقتصر على التفسير و التبرير و يتناسون أن دورها الأكبر هو في التغيير و ليس المقصود بالتغيير هنا هو التغيير الآني، فالتغيير يفتح الطريق أمام الفيلسوف باب التفكير في المستقبل و التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور في كل مجالات الحياة.

و من ثم تكون رؤية الفيلسوف رؤية تنبؤيه يمكن أن يستفيد منها البشر في كل زمان و مكان.

إن الفكر الفلسفي هو في صميمه دعوة إلى التغيير و دعوة إلى التفكير في المستقبل و الاهتمام به، فالمستقبل هو مجال الممكن و مجال الحرية و مجال العزيمة و فرض الإرادة الفردية للأفراد و فرض الإرادة الجماعية للشعوب و المجتمعات التي تريد أن تتقدم و تحقق استقلالها الذاتي و نموها المستقل.

و فلسفة المستقبل ما هي إلا دعوة للتفكير في المستقبل: قضاياه و تحدياته؛ فإذا كانت لحظات الزمان ثلاث: ماض و حاضر و مستقبل، فالماضي مضى و انتهى و لا مجال لاستعادته و من يفكر في ذلك كأنه يتصور خطأ أن عقارب الساعة يمكن أن تعود إلى الوراء و هذا مستحيل، أما الحاضر فهو سيظل امتدادا للماضي بكل ما تركه لنا من مشكلات و تحديات علينا أن نواجهها لتحسين حياتنا و تطويرها، و الحقيقة التي يتناساها الجميع أنه لا مجال لذلك و لا إمكانية له إلا بالتفكير في المستقبل.

و من هنا قيل أن المستقبل هو مجال الممكن و مجال الحرية و مجال إعمال عزيمة التغيير إلى الأفضل.

وقد تساءلت ذات مرة بحق في إحدى مقالاتي الصحفية: متى يصبح الحاضر ابنا للمستقبل؟ ! و قصدت حينئذ أن الإصلاح و التطور و التقدم لا يتمان باستعادة الماضي أو حتى بالتفكير فيه و إنما بالنظر في الحاضر نفسه و اكتشاف و استغلال كل ممكناته من خلال تخطيط و تفكير مستقبلي بطريقة تأملية و علمية تستشرف أفاقا جديدة للمستقبل متجاوزة كل مشكلات هذا الحاضر الآنية المربكة بطريقة مبتكرة و بآليات و مناهج جديدة ضاربة عرض الحائط بكل القيود المكبلة للانطلاق نحو المستقبل.