التشاكل النصي في قصائد الزهد : لامية ابن الوردي أنموذجا

الملخص AR

ازدانت البلاد العربية في العصر العباسي بسبب حرص المسلمين على الريادة العالمية، و لكن هذه الحضارة و هذا التفوق لم يعمر طويلا، فقد هبت عليها رياح الغزو المغولي، فانتكس علمهم و دب الوهن في عزائمهم، و بالأخص لما تلاحقت عليهم أطماع أعدائهم من التتار و الروم و غيرهم، و هذا ما خلف في حضارتهم الزاهية أثرا بعد عين، فانكمشت دولتهم وجرت عليهم سنة الله في الخلق و لا تبديل لكلمة الله.

أصاب الناس كمد طال أمده، لكن فئة من الشعراء لم تستطع الركون إلى اليأس المريح، بل حاول كثير منهم أن يبحث عن طريق للخلاص، و هؤلاء هم فئة الزهاد من الشعراء، الذين حاولوا التعبير عما ألم بالمجتمع و إصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا عن طريق قصائد شعرية ملمة بقضايا المجتمع.

وقد تباينت الآراء حول مفهوم الزهد، فظن عوام الناس أن معناه أن يظهر الإنسان على نفسه من تضعضع الحال و الرثاثة و قبح المنظر و سوء المظهر و خشونة الملبس، بيد أن حقيقته شيء آخر و هو أنه من أعمال القلوب و ليس من أعمال الجوارح، و هو ما حاول استيضاحه شعراء ذلك العصر في قصائدهم.

و نظرا لكثرة هؤلاء فإننا فضلنا أن نقتصر في هذا البحث على دراسة واحد منهم، و هو زين الدين عمر بن الوردي ( ت 749 ه ) في لامية المعروفة، باعتباره أحد أهم الشعراء الزهاد المصلحين، و لعل في دراسته غنية عن البحث في غيره.

وقد حاولنا من خلال هذه المداخلة أن نقف على أهم المفاهيم التي تؤطر مثل هذه المواضيع كمفهوم الزهد و الإصلاح، و أهم القيم الواردة في النصوص الشعرية، و علاقة كل ذلك بالعصر و بالشاعر، و كان كل ذلك وفق منهج اجتماعي نهض على محاولة مقاربة النص ضمن رؤية اجتماعية تقوم على اعتبار المجتمع أساسا لكل عمل إبداعي