التماسك الاجتماعي و الأسري في ظل ضغوط العولمة

الملخص AR

كثيرون ممن بحثوا في العولمة يرون أنها ذات محتوى تغريبي، بل إن بعض الباحثين الغربيين يرون أنها ذات محتوى أمريكي، و قد تعرضت منطقة الجزيرة و الخليج لكل مؤثرات العولمة، فأصبحت مسرحا لصراع ثقافات و أفكار متعددة متباينة، و فدت إلى المنطقة من خلال عدد من القنوات الفضائية و الشركات العابرة للقارات.

و لا يبدو واضحا مستقبل التماسك الأسري و الاجتماعي في ظل العولمة، لاسيما و أن العولمة نفسها تواجه أزمات ربما تساهم في تغير المفهوم، و موقف الدول النافذة منه، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، و الانهيار المالي الكبير الذي تعانيه الولايات المتحدة في الوقت الحالي.

كما أن دراسة الأسرة في منطقة قبلية كمنطقة الخليج و الجزيرة لا يمكن أن تكون بمعزل عن العلاقات القرابية كالعشيرة و القبيلة، فهي ذات تأثير قوي على الأسرة ؛ إذ أن الأسر تستند فيها إلى ميراث ضخم من علاقات قرابة الدم، و هي علاقات تؤثر في التماسك الأسري، بل لا يمكن بحث التماسك الأسري في هذه المنطقة مستقلا عنها.

و ليس من المتوقع أن تضعف مؤسسة العشيرة و القبيلة، و أن تخلي مكانها لمؤسسات العولمة الوافدة، بل إن القبيلة بدأت تقوم بدور الحزب في بعض دول الخليج في الانتخابات العامة.

كما إن أثر ضغوط العولمة على تماسك الأسرة مرهون بثالثة عوامل كبيرة، و هي : القيم المضادة للعولمة، و مستقبل العولمة و ما يمكن أن تؤول إليه، بجانب ممانعة المجتمعات المحلية أو ردود أفعالها تجاه العولمة، و سعيها للتصدي لآثارها السلبية، بإنشاء مؤسسات حكومية و أخرى أهلية، و سن تشريعات تعنى بالأسرة، و تقيها من آثار العولمة المدمرة.

كما أن الأسرة تتأثر بعاملين كبيرين : و هما التدين و الاقتصاد، و الأول منهما رغم أنه يواجه معركة عنيفة إلا إنه أثبت أنه قادر على المقارنة و الانتشار، و يبدو أن هجمة العولمة و ما صاحبها من غرور للمنطقة استثار العامل الديني، و ساهم في نشر ظاهرة التدين.

و أما العامل الاقتصادي فرغم الضربات التي واجهها في ظاهرة الغلاء له مردود إيجابي على اقتصاد شعوب المنطقة، فساعد الطبقة الوسطى على الاحتفاظ بمواقعها، و هذا فيه دعم للتماسك الأسري.