سورة يوسف : صورة من صور الحرب النفسية في المرحلة المكية

الملخص AR

يحاول البحث أن يقرأ قصة يوسف وفقا لأنظمة العلامات من خلال الكشف عن الخطاب الذي كانت ترسله للمتلقين آنذاك في ظل أجواء الصراع بين النبي محمد (صلى الله عليه و سلم) و زعماء المشركين عبر إقامة مقارنة بين القصة و الواقع وفقا لأنظمة العلامات.

فقد اتضح أن القصة جاءت لمعالجة الوضع النفسي الذي مر به النبي (صلى الله عليه و سلم) و المسلمون بفعل ضغوطات زعماء المشركين عليهم، و من جهة أخرى حاولت تبكيت المشركين نفسيا و تحجيم التهديدات التي كان يمارسونها على النبي و المسلمين و الدعوة للتوحيد و نقد الشرك، فكانت بمثابة رؤية تستشرف مستقبل الصراع و تبشر بانتصار الدعوة الجديدة.

ما هي قيمة سورة يوسف و قصته بشكل خاص؟، و لماذا وردت بشكل كامل في سورة واحدة على عكس بقية قصص الأنبياء التي وردت متفرقة في ثنايا عدة سور؟، لا سيما أن وضوح القضية في الطرح القرآني يحتم البحث عن رسالتها العامة و الجزئية في ثنايا القصة ، فإيرادها في مكان واحد له علاقه بالرسالة التي تزيد القصة إيصالها للمتلقين، خاصة إن الآية الثالثة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ...) أكدت أكثر من أي مكان آخر على وصف القص بصيغة التفضيل العليا (أحسن) مما يدلل على منحها الأفضلية، و قطعا أن الأفضلية لا تأتي إلا من حيث قوة الرسالة التي تحملها آنذاك، كما دعت في خاتمتها إلى التوقف عند دلالات القصة تحت مفهوم العبرة، و من المهم أن يقرن القارئ العلاقة بين العبرة و تعبير الرؤى، الميزة التي امتلكها يوسف، مما يدلل أكثر على القيمة الوظيفية التي حملتها القصة في قوة علاقتها بالواقع آنذاك.

هل اقتصرت سورة يوسف على مجرد تضمنها قصة يوسف؟، هل اقتصرت، القصة على محور الدعوة للتوحيد فقط؟، أم أن هناك محاور أخرى؟، ما هو صلب القصة و ما الرسالة التي حملتها للمتلقين آنذاك؟.

هذا ما ستحاول الدراسة الإجابة عنه قدر الإمكان.