العلاقات العراقية-الكويتية و إشكالية ميناء مبارك

الملخص AR

تمثل العلاقات (العراقية-الكويتية) إشكالية معقدة في مجال العلاقات (العربية-العربية) و تتميز هذه العلاقات بخصوصية محددة لما تشتمل عليه من توترات منذ قيام هذه العلاقات و إلى وقت قريب، و هنالك عوامل عدة تحول دون تحقيق الطموح في مجال تطوير العلاقات بين العراق و الكويت، وهذه العوامل داخلية و أخرى خارجية أكثر حدة و تأثيرا تسبب إشكالية شبه مستعصية لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، و لعل إشكالية ميناء مبارك الكبير الذي شرعت الكويت بإنشائه في نيسان 2011، أي بعد عام من قيام العراق بوضع حجر الأساس لميناء مشروع الفاو الكبير، إحدى أهم هذه العوائق الرئيسة التي تحول دون بناء علاقات طبيعية بين البلدين. شهدت العلاقات العراقية الكويتية توترات سياسية منذ العهد العثماني فقد كانت الكويت قضاء تابعا لولاية البصرة، و حتى بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 لم تشهد علاقة العراق مع الكويت الاستقرار.

منذ عام 2003 و العراق يحاول إعادة بناء علاقته مع الكويت إلا أن الأخيرة في كل مرة تثير مشكلات تؤدي إلى توتر العلاقات مرة أخرى و تقضي على أي أمل بتطوير العلاقات بين الطرفين فتارة تعويضات و تارة ديون و أخرى حقول نفط مشتركة، و الإصرار على عدم خروج العراق من طائلة البند السابع و توجت هذا كله بإنشاء ميناء مبارك في موقع استفزازي يوقع الضرر بالعراق سياسيا و اقتصاديا و هذا ما انعكس على تطوير العلاقات بين الطرفين.

و إن مستقبل علاقات العراق مع الكويت لا يمكن أن تأخذ منحا ايجابيا ما لم تحل القضايا المعلقة بين البلدين و لعل أهم تلك القضايا التي تتمثل بـ (التعويضات و الديون و مسألة الحدود و حقول النفط المشتركة). لما كانت الموانئ البحرية تعد من أهم المزايا الاستراتيجية للدول التي تعزز من أهمية موقعها الجغرافي و قوتها الاقتصادية، فقد كان ميلاد ميناء مبارك الكبير مصحوبا بأزمة مركبة سياسية و اقتصادية، أعادت إلى الأذهان السلوك الكويتي المستهدف لمصالح العراق الاستراتيجية و الاقتصادية.

دواعي الأزمة متأتية م أن العراق كان قد أعلن منذ العام 2005 عن عزمه على إنشاء ميناء الفاو الكبير، و الكويت لديها سواحل بديلة ممكن انجاز الميناء عليها من دون التأثير على العراق و أقل كلفة و ممكن أن تخدم الكويت بشكل أفضل لا سيما و أن الموقع الحالي للميناء هو بعيد عن مركز الكويت و في منطقة تكاد تكون شبه خالية من السكان، إلا أن إصرار الكويت على إقامة الميناء في نقطة محددة على جزيرة بوبيان تغلق الممر المؤدي غلى أم قصر و تواجه مباشرة مشروع ميناء الفاو يوضح أن الهدف هو نسف مشروع ميناء الفاو العراقي، و محاولة إعاقة العراق عن استعادة دوره البارز في المنطقة العربية لا سيما الخليجية منها، واستغلال موقع العراق الجغرافي ليكون قناة جافة لصالحها من أجل الانفتاح على أوربا.

و التأثيرات السياسية و الاقتصادية على العراق قد تكون كارثية، حيث نرى أن الكويت بشروعها بناء ميناء مبارك قرب السواحل العراقية أساسا، يعد مخالفا للقرار الدولي (833)، حيث سيكون الممر المائي العراقي ضمن الميناء الكويتي الذي تصل حوده المائية العراقية،و ستجعل العراق دولة مغلقة بحريا، علما غن الكويت ستتجاوز المساعدات الملاحية المخصصة للسفن، مما يشير إلى انتهاك سافر لمبادئ القانون البحري الدولي، و انتهاك للحدود البحرية العراقية.

و إن الصعوبات التي سيضعها ميناء مبارك ستكون حائلا دون تصدير النفط العراقي مستقبلا، لذا فغن البحث يرى أن العلاقات العراقية الكويتية و تأسيسها على ما تقدم لن تشهد استقرارا و تعاونا حقيقيا في المستقبل القريب على الرغم من إعلان الطرفين في أكثر من مناسبة عن استعدادهما لتطوير العلاقات، و يجب أن ترسم استراتيجية السياسة الخارجية العراقية في هذا الإطار.