أصول الفكر الغربي و روافده : نحو منهجية علمية للنقد

الملخص AR

لن تستطيع دراسة واحدة أن تتعرض للفكر الغربي كله عرضا أو نقدا، و لكن هناك مرتكزات و مداخل تعد أصولا لهذا الفكر و روافده.

و ربما يكون الأهم من ذلك هو تحليل الأبعاد و التجليات الفكرية الغربية المؤثرة في واقع المسلمين الحالي و المستقبلي، و من قم البحث عن سيل لنقدها باستخدام المنهج العلمي الرصين، و مقارنتها بحقائق الدين الإسلامي الخنيف و الفكر الإسلامي الثاقب.

و يمكن القول : أن هناك تيارين أساسيين يشكلان أصول الفكر الغربي بشكل عام، أولهما : و هو التيار الغالب في المؤسسات و الشخصيات الأكاديمية، و لا سيما في أوروبا، و هو الفكر الذي بدأ في القرن الثامن عشر و انتشر في أوروبا كلها ثم في أمريكا، و هو الفكر الذي سقاه أصحابه بالفكر التنويري، و الذي غلب عليه الصدام مع الدين و الكنيسة.

و ثانيهما : هو التيار المحافظ الذي ظل مرتبطا بالدين النصراني، و إن بدرجات متباينة، و الذي ما يزال له تأثير كبير على السياسة، و لا سيما في الولايات المتحدة.

مع التسليم بأن الفكر الغربي فيه تيارات أخرى مخالفة لهذين التيارين الغالبين، كتيار الفكر الماركسي.

وكون الدراسة تحلل مرتكزات الفكر الغربي في أصلين اثنين، لا يعني أنهما النبراس الذي يسير في ضوئه كل الغربيين إذ إن منهم من ظل منتميا إلى الدين، و منهم من أنكر أساس هذا الفكر بفطرته.

غير أن الأكثر أهمية و أولوية في هذا الإطار، هو بناء خطاب علمي ناقد لمرتكزات الفكر الغربي و أصوله و تجلياته، يستند إلى ذات المنهج الجدلي الذي اتبعه علماؤنا السابقون الذين تعرضوا لنقد مخالفيهم من السلمي وغير السلمي، من أمثال ابن حزم و الغزالي، و الشهرستاني، و ابن تيمية و غيرهم.

يتضمن ذلك المنهج ثوابت عدة أهمها : عدم تحريف كلام الخصم بزيادة أو نقصان.

و التأكيد على أن لازم القول ليس بقول، بمعنى أنه لا ينسب إلى الخصم قول، يلزم لزوما عقليا عن قوله، ما دام أنه لم يصرح به.

و كذلك تمييز ما في كلام الخصم من حق، و ما فيه من باطل، و من ثم انتقاد الثاني و تزيفه، و عدم التردد في إقرار الأول و إثباته.

إضافة إلى التأكيد على عقلانية الرد على الخصم بالحجج العقلية الدامغة.