فقه الخلاف في ميزان علم الأصول

الملخص AR

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على اله و صحبه و من والاه، و بعد : لا يخفى على كل مسلم بصير ما تعيشه أمة الإسلام من شتات و فرقة، و اختلافات أوجبت عداوة و شقاق، إذ تجاذبت أهلها الأهواء، و تشعبت بهم البدع، و تفرقت بهم السبل، فلا عجب أن تراهم بين خصومة مذهبية، و حزبية فكرية، و تبعية غربية أو شرقية..

و النتيجة يخبر عنها قول المولى عز و جل : ((ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)) .

و من هذا المنطلق علينا أن نفهم فقه الخلاف و نقف على قواعده الأصولية وفق ما حدده الشارع الحكيم، حتى يتمخض عن هذا الخلاف نتاج فكري تنتفع منه الأمة الإسلامية لأننا إذا فشلنا في إدارة الخلاف، تحول إلى تضاد و تبعثر و تفرق، و أصبح خطرا ماحقا.

و لعل تراثنا الفقهي و الفكري و مدارسنا الاجتهادية، حتى ضمن إطار المذهب الواحد، بدءا من اجتهادات الصحابة و خلافاتهم، و هم خير القرون، و مرورا بالمذاهب الفقهية و الفكرية، دليل على مدى حرية الرأي التي شرعها الإسلام عن الإرهاب الفكري أو التعصب الفقهي و محاولات إقصاء الرأي (الآخر)، و إن حدث شيء من التعصب و الغلو فيمكن القول : بأن الشذوذ دليل استقرار القواعد و تقعيدها.

و هنا أود أن أسلط الضوء على هذا الموضوع بحلوه و مره من خلال المباحث الآتية : المبحث الأول : تعريف الخلاف و حقيقته . و المبحث الثاني : أنواع الخلاف. و المبحث الثالث : أسباب الخلاف. المبحث الرابع : المنهج الأصولي الموضوعي في معالجة الخلاف.

و أرجو من الله التوفيق و السداد.