علم الوضع و أثرة في الفكر اللغوي قديما و حديثا

الملخص AR

يهدف هذا البحث إلى إبراز دور (علم الوضع)، و هو أحد علوم اللغة العربية عند اللغويين القدامى، المهتم بدلالات الألفاظ و التراكيب الوضعية، و فلسفة لإدراك التباين الملحوظ عند الواضع للقوالب اللفظية و الوظائف المسندة إليها في الكلام الإنساني، من خلال بيان أصل وضعها و الهدف المراعى أثناء عملية الوضع، و الانحراف عن الوضع عند المستعملين لتلك البنيات اللغوية، و أثر تلك الدلالات الوضعية و غير الوضعية على تلون و تنوع القوالب اللغوية المعبر بها في الكلام، كما يركز البحث على أثر هذا العلم في التشكيل المعرفي للغويين العرب، و أثر انتباه اللغويين لفكرة الوضع اللغوية على الدراسات اللغوية العربية قديما و حديثا، و الفائدة المرجوة من التفات الدارسين القدامى و المعاصرين إلى هذا العلم لسبر أغوار الكلام و معرفة تنوع مناحيه، و قد تابع هذا البحث بشكل مكثف أثر هذا العلم على التنظير الصرفي و النحوي و البلاغي كما ظهر في مؤلفاتهم و دراساتهم، فتوقف عند ابن السراج في الأصول، و ابن جني في الخصائص، و الشيخ عبد القاهر الجرجاني في الدلائل، الذي كانت لنا معه وقفة طويلة؛ لأنه تناول فكرة الوضع التركيبية، و هو يميز بين مختلف التراكيب الكلامية؛ لمعرفة وظائفها و سر تنوعها و تعددها، و الزمخشري في المفصل و ابن عصفور في شرح الجمل، و أشرنا إلى أن الرضى الاسترابادي قد اهتم كثيرا بهذا العلم في تبويبه و تنظيمه و تعليله للمباحث النحوية في مدونته (شرح الكافية).

و لما آل البحث إلى جهود المعاصرين وجدنا المادة غزيرة في مؤلفاتهم، سواء نصوا على أثر علم الوضع في دراساتهم و مباحثهم أو تركوا ذلك اعتمادا على اشتهار فكرة (الوضع اللغوية) في الدراسات الحديثة، و لذا كان من الطبيعي أن ننتقي أكثير الدارسين اهتماما بهذه المباحث، فقصرنا الجهد على علمين بارزين في سماء الفكر النحوي العربي المعاصر، هما : تمام حسان و محمد حماسة عبد اللطيف من خلال كتابيهما : (الأصول) و (النحو و الدلالة)، اللذين ظهر أثر علم الوضع في مباحثهما بشكل معمق و تنظير محكم، لنختتم البحث بعد ذلك بدراسة العلاقة بين علم الوضع و كل من المعنى و الوظيفة.