مراعاة الخلاف عند رد القرافي : دراسة تأصيلية تطبيقية من كتاب "الذخيرة"

الملخص AR

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، و بعد : فقد امتازت المدرسة المالكية عن غيرها من المدارس بتنوع أصولها و قواعدها، فهي في مقدمة المدارس الفقهية من حيث سعة نطاق الاستدلال، و هذا التنوع و السعة صبغ المدرسة المالكية بخصائص عديدة، أقل ما يقال فيها أنها أكسبتها الثراء و التجدد مما جعلها تنفرد عن غيرها ببعض الأصول، و من تلك الأصول التي احتلت مساحة معتبرة في مسائل الفقه، أصل (مراعاة الخلاف)، فيعتبر هذا الأصل أبعد المدرسة المالكية عن التقوقع و الانغلاق، بل أضاف لها سمة الوسطية و الجنوح إلى أعدل الأقوال و أوفقها، و جعل منها فضاءا رحبا، لتقبل قول الغير و دليله.

و قد قال عنه أحد منظري الاجتهاد المالكي الشيخ أبو العباس القباب رحمه الله : ((إنه من محاسن هذا المذهب))، و قال عنه الشاطبي رحمه الله : ((و الأمثلة كثيرة؛ فاحتفظ بهذا الأصل؛ فهو مفيد جدا)).

و لأهمية هذا الأصل، و ما أثير حوله من أقاويل، أحببت أن أسلط الضوء عليه بشئ من التفصيل، مبينا تعريف أصل مراعاة الخلاف، و الخلاف حوله، و بعض المسائل المتفرع عن هذا الأصل، و ذلك من خلال كتاب الذخيرة للقرافي رحمه الله، و قد قمت بتقسيم هذا البحث إلى مقدمة، و أربعة مباحث، و خاتمة، و قائمة للفهارس.