الدور الحضاري للعرب و المسلمين في تطوير المحاسبة

الملخص AR

إن المحاسبة لها خاصية الاستجابة و التطبع بطابع البيئة التي تمارس فيها وظائفها.

و بما أن البيئة تتغير بتغير الأزمنة و الأمكنة فمن الطبيعي أن تكون محاسبة الأمس ليس كمحاسبة اليوم.

فلا يمكن أن تكون المحاسبة في عصر النبوة أو الخلافة الراشدة كالمحاسبة في عصرنا الحالي.

فلكل عصر حياته الاقتصادية و الاجتماعية التي تميزه عن غيره. فالبحث قد أثبت وجود المحاسبة عند المسلمين في كافة عصور الحكم الإسلامي من خلال ممارسة وظائف المحاسبة (التسجيل و التصنيف و القياس و التوصيل) و التي تمثلت في محاسبة الزكاة من حيث مواردها و مصارفها و محاسبة التركات و الغنائم و الفيء و موارد الدولة الأخرى كالخراج و الركاز و غيرها.

و قد شهدت العصور الإسلامية أنظمة محاسبية للسجلات و المستندات و التقارير المالية، يمكن أن يقال عنها بأنها متطورة. كان Littleton (1993:13) قد صاغ نظرية تتعلق بالشروط المسبقة prerequisites / preconditions لظهور نظام مسك السجلات على أساس القيد المزدوج double – entry bookkeeping (و هذه الشروط هي : الكتابة و الرياضيات و النقود و الملكية الخاصة و الائتمان و التجارة و رأس المال).

و لكن جميع هذه العناصر كانت مستخدمة أو قائمة في كافة العصور الإسلامية و عليها أدلة من القرآن الكريم و السنة النبوية و تؤيدها الأحداث التاريخية.

إذا فمسك السجلات كان موجودا عند المسلمين بل و متطورا، و بنفس السياق يذكر Glautier (1973 : 65) أن طبيعة السجلات نفسها تشير إلى مرحلة متقدمة باتجاه القيد المزدوج، من هذا يستنتج أن القيد المزدوج يحتمل أن يكون إسلاميا / عربي المنشأ. كما تضمن البحث المقارنة التاريخية بين تطور المحاسبة عبر العصور الإسلامية و عبر عصور النهضة الأوربية، فظهر أن مدة العصور المظلمة في أوربا يقابلها عصر ازدهار الحضارة الإسلامية، و أن الحضارة الإسلامية قد وصلت إلى البلاد الأوربية عن طريق التجارة أو الحروب الصليبية، كما وصلت إلى شرق آسيا.

و المحاسبة هي جزء من معالم الحضارة.