التعارض بين متطلبات حماية الأمن الوطني ضد الإرهاب و بين تأمين احترام حقوق الإنسان وفقا للمبادئ التي ارتضاها المجتمع الدولي منذ منتصف القرن الماضي

الملخص AR

ليس هناك موضوع أكثر خطورة من موضوع الإرهاب و التطرف على الساحة العربية و العالمية حيث أصبح يشكل مصدرا من أهم مصادر التهديد للأمن الوطني و قد اتسعت دائرته في النصف الثاني من القرن العشرين حيث شهد العالم العديد من الأعمال الإرهابية المخططة و المنظمة و التي تسعى إلى تحقيق أغراض سياسية و تمتد عبر الحدود الوطنية للعديد من الدول منتهكة امن و سلامة الشعوب و حقوق أفرادها.

إن الإرهاب كصورة من صور العنف التي عرفها المجتمع الدولي منذ عصور خلت، تطور مع تطور المجتمع و مع العلاقات الاجتماعية المختلفة، و قد ساهم في ذلك التطور التكنولوجي المذهل في وسائل المواصلات و الاتصالات و عالم المعلوماتية، إذ أصبح للإرهاب خطورة أكثر مما مضى، و مما يزيد من خطورة الإرهاب استخدام مرتكبيه أكثر الأسلحة تدميرا و هي المتفجرات بالإضافة إلى قيامهم بأعمال انتحارية في بعض الأحيان، و هذا مما لا شك فيه يزيد من التحدي أمام رجال الأمن للوصول إلى الحقيقة في سبيل التصدي لهم.

و هذا ما نلمسه من خلال تزايد العمليات الإرهابية المصحوبة بزيادة في أعداد الضحايا مع اتساع نطاق هذه العمليات ليتعدى الحدود الجغرافية للدولة إلى دول أخرى، ناهيك عن ظهور أشكال و أساليب جديدة مستعملة فى هذه العمليات الإرهابية و المستخدمة لآخر ما توصل إليه التطور العلمي و التكنولوجي كاستخدام المتفجرات الدقيقة الصنع وذات التحكم عن بعد بواسطة الحاسوب أو الهاتف النفال.

و في ضوء هذه التغيرات الحتمية لنواحي الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و ما يرافقها من تطور حضاري مصحوب بتطور تقني و تأكيد قانوني و تطبيقي لحقوق الإنسان و احترام كرامته و حريته.

في ضوء ذلك لم يعد بوسع الدول و أجهزتها الأمنية الاعتماد على الوسائل القديمة لكشف غموض الجرائم سواء من ناحية عدم شرعيتها أو من ناحية عدم كفاءتها.

و الجرائم الإرهابية تترتب عنها نتائج خطيرة و واسعة النطاق لأنها تمس المجتمع في كيانه و بنيانه ؛ و من الأسس الشرعية و الدستورية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي يرتكز عليها ؛ كما أنها تدخل ضمن زمرة الجرائم المنظمة.