النقد اللغوي عند ابن جني في شرحه لديوان المتنبي

الملخص AR

إن المطلع على التراث النقدي العربي القديم يدرك التطور الذي لحقه في مختلف مراحله، كما يدرك طبيعة الأدوات و الآليات التي انتهجها النقاد لتلقي النصوص الأدبية و إعادة بنائها و إرسالها من جديد ، و فهمها و إبراز مكنوناتها، فقد كانت الآليات المستخدمة متعددة-رغم اختلاف مبادئها-إلا أن استخدامها كان موجها نحو موضوع واحد و هدف واحد، كما أن هذا التراث النقدي أسهمت فيه بيئتان مختلفتان : بيئة النجاة و بيئة البلاغيين-و هاتان البيئتان أكثر حضورا، و هما من أقدم البيئات التي كانت لها عناية بالنصوص الأدبية، و لعل اهتمام أهل هذه البيئات-العلماء- باللغة جمعا و حفظا و دراسة يؤكد صلة تلك النصوص الأدبية باللغة، فتلك النصوص كانت بالنسبة لهم حافظة للغتهم و مجدهم و آثارهم ، لذلك كانت اللغة بمختلف علومها هي الآلية المستخدمة لفهم تلك النصوص.

من أجل هذا ارتأيت أن أعنون مقالتي هذه ب : النّقد اللغوي عند ابن جني في شرحه لديوان المتنبي .

يحاول البحث الإجابة عن جملة من الأسئلة المتمثلة في : ما مدى نجاعة تلك الآليات في فهم النص الأدبي و إعادة بنائه و بثه للمتلقي ؟، و ما طبيعة الصلة بين النصوص الأدبية و الآليات التي تنقد بها ؟، و ما الأسباب التي جعلت العلماء يعتمدون على تلك الآليات.

و قد عمدت فيه إلى الوقوف على أهم الآليات اللغوية التي استخدمها ابن جني في شرحه لديوان المتنبي، كاشفا العلاقة بين تلك النصوص و العلوم التي استنبطت منها، و كيف صارت تلك العلوم آليات لدراسة تلك النصوص، مبرزا من خلال ذلك كله دور كل من النحو و الصرف في توجيه المعاني و بنائها، و رصد مدلولاتها، و ترجيح تلك المعاني إذا ازدحمت و تكوثرت، و الجمع بينها حين تلتقي أو تختل