السعادة الحقيقية عند ابن حزم الظاهري

الملخص AR

احتل السؤال عن كيفية بلوغ الإنسان السعادة حيزا لا يحصر من كتابات القدامى و المعاصرين، سيان كانوا فلاسفة أو علماء أو باحثين في السلوك الإنساني، و لا مندوحة من القول بأن كل الديانات و الفلسفات، بل وسائر المعارف و العلوم قدمت تشخيصا لعلة تعاسة الإنسان، كما قدمت حلولا لإخراجه منها إلى ما يحقق له السعادة و الرضا.

لذلك يتمنى جميع الناس الحياة السعيدة، و يبحثون عن ما يجلب لهم السعادة، إلا أنهم يختلفون في تصورهم لطبيعة هذه السعادة، و لا يتفقون في تحديدهم للوسائل الموصلة إليها، فقد يكون موضوع سعادة أحدهم تعاسة للآخر، و وسيلة تحصيلها عند هذا مذمومة عند غيره وهكذا...

فلا غرو أن يتمحور بحثنا حول هذه المسألة النفسية الأخلاقية في آن واحد، حيث أجمع كل من كتب في النفس والأخلاق، أن الغاية التي يرنو كل إنسان لتحقيقها هي أن يكون سعيدا، و الرغبة في إزالة نقيضها و هي التعاسة الناشئة عن الهم، هذا الهم الذي يتوجب طرده و إبعاده لتصفو نفسه من أكادرها و أقذارها و أوضارها.

و قد برز الفيلسوف والعالم الموسعِي الجهبذ ابن حزم الظاهري الأندلسي (384هـ-456هـ/994م-1064م) العالم بفنون الشريعة، و بالفلسفة و علم النفس و الأخلاق و غيرها، و بكتبه الماتعة الباسقة، و آرائه السامقة المبثوثة في سائر مؤلفاته، و بخاصة رسالته : "مداواة النفوس و تهذيب الأخلاق" حيث حدد فيها سبل و طرق طرد الهم لبلوغ السعادة.

فما حقيقة نظرية طرد الهم عند ابن حزم ؟ و ما علاقتها بالدين و بالأخلاق و بالنفس ؟.