عينية علي بن جبلة في رثاء حميد الطوسي: دراسة في بنية التراكيب والإيقاع

الملخص AR

طارت شهرة عينية علي بن جبلة في الآفاق، حتى إن الأصفهاني أوردها كاملة، وامتدح جودتها وكثرة نادرتها، وأشار إلى أن البحتري قد تلقفها، وأخذ معانيها، وسلخها في قصيدتين له.

وتطمع هذه الدراسة إلى إكمال هذا الجانب من شعر ابن جبلة في تلك العينية، بإبراز الخيوط الفكرية والنفسية والفنية المتشابكة التي صاغت تراكيبه، وجعلت منها إيقاعا خاصا بالشاعر يميزه من غيره، وكأن شعره غدا موسيقى خالصة، أداتها التراكيب.

وقد كثرت الأساليب الإنشائية في تلك العينية، وخاصة أساليب الاستفهام –الذي ورد سبع مرات-يليها أسلوب الأمر– الذي ورد ثلاث مرات –ثم القسم– الذي أورده الشاعر ثلاث مرات أيضا– وهذا يشي بحالة القلق والاضطراب، والتوتر والأسى والشدة التي ألمت بالشاعر.

ثم إن مجيء الشاعر بأساليب الاستفهام فيه نوع من هدهدة التوتر والانفعال؛ لأنه في الأصل يتطلب جوابا –بحسب الظاهر – وهذا يؤدي إلى نوع من التنفيس والتخفيف من ضائقة الحزن التي سيطرت على الشاعر، وتمكنت منه.

على أن تكرار الشاعر لاسم حميد -في تلك العينية تكرارا لافتا- يشير إلى أنه شديد التعلق بهذا الرجل، وأن صورته مازالت ماثلة في وجدانه مرتسمة في خياله، لا تغيب عن خاطره.

ويصور أسلوب الطباق –الذي أكثر الشاعر من استخدامه–المشاعر المتناقضة التي تمور بها نفس الشاعر: الأمل– اليأس– الرجاء– الإحباط.

وخلاصة البحث أن ابن جبلة أخضع شعره لفكره دون أن يخل بقيمته الفنية، وقد تجلت ثمار فكره في وحدة قصيدته، ووحدة إيقاعها ونغمها، كما تميز بأصالته الشعرية المعتمدة على تراث أمته، متخذا من هذا التراث وسيلة فنية لبنية تراكيبه، وجمال إيقاعه.