التوزيع الجغرافي للجريمة في مدينة الرياض

الملخص AR

أدى النمو العمراني والسكاني في المدن السعودية والناتج عن الطفرة التنموية التي عاشها المجتمع السعودي إلى بعض الإشكاليات السلبية التي أصبحت تعاني منها المدن كبيرة الحجم بشكل خاص، لكون هذه المدن جاذبة للهجرة الريفية والدولية، ومن أهم هذه المدن مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية؛ لما لهذه المدينة من ثقل إداري وسياسي، إذ يتركز بها العديد من النشاطات والخدمات المركزية، الأمر الذي أسهم في زيادة النمو السكاني المطرد في المدينة، لذا زاد الطلب من قبل السكان على المساكن والخدمات، الأمر الذي أدى إلى اتساع رقعتها، وتعدد أحيائها وتنوعها.

وقد أفرز النمو السكاني السريع الذي حدث في مدينة الرياض تنوعا في الخصائص السكانية لقاطني الحي الواحد، إذ رافق عملية التحضر، وعملية التخطيط العمراني، وتصميم المساكن العصرية للأحياء السكنية تعقد العلاقات الاجتماعية، والاتجاه نحو الفردية، مما نتج عنه تفكك الروابط الاجتماعية بين قاطني الحي الواحد، مما أوجد بيئة مناسبة لارتكاب الجرائم في الأحياء السكنية.

ولقد أدت هذه العلاقة بين السكان والبيئة المكانية إلى جذب انتباه الجغرافيين المهتمين بالدراسات الحضرية، ويبرز هذا الاهتمام الحاجة إلى دراسة التوزيع الجغرافي لأنماط وأحجام الجرائم في مدينة الرياض.

بهدف تسليط الضوء على أكثر الجرائم حدوثا في أحياء الدراسة، بالإضافة إلى تتبع مدى الارتفاع والانخفاض في حجم الجرائم، في فترات متفاوتة من خلال بيانات شرطة منطقة الرياض حسب عامي (2004م و2012م/ 1425ه و1433ه).

كما أن هذا العرض مدعوما بعرض إحصائي وبياني وخرائطي، وأيضا الخصائص الاجتماعي لسكان تلك الأحياء، وخصائص الجريمة، وكذلك محاولة الكشف عن خصائص مرتكب الجريمة في أحياء مدينة الرياض، من خلال إجابات أفراد عينة الدراسة ممن تعرضوا لإحدى الجرائم، إذ تقل الدراسات الجغرافية التي تطرقت إلى جميع تلك الخصائص في المملكة العربية السعودية، وقد تناولت الدراسة الموضوع من حيث إبراز الفروق فيما بين أنماط وأحجام الجريمة في كل حي من أحياء الدراسة، والخصائص السكانية، وخصائص كل من الجريمة والمجرم لأحياء الدراسة، ومدى وجود علاقة إحصائية بين الموقع الجغرافي للحي السكني، وبعض الخصائص السكانية، وكذلك علاقة بعض من خصائص مرتكب الجريمة بموقع الحي الجغرافي، وقد تكونت العينة من 360 أسرة من سكان أحياء مدينة الرياض، جمعت بيانات الدراسة من المصادر الميدانية المتمثلة (بالاستبانة والملاحظة) عام 1436ه/ 2014م، وكذلك المصادر الوثائقية المتمثلة (بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وشرطة منطقة الرياض).

كشفت النتائج أن هناك علاقة ما بين الموقع الجغرافي للأحياء السكنية، وما بين الجرائم من وجهة نظر أفراد العينة، كما أن هناك عددا من نتائج العلاقات، وكذلك الفروقات بين خصائص الجريمة والمجرم ترد في تفاصيل الدراسة، وقد انتهت الدراسة إلى جملة من التوصيات التي من شأن الأخذ بها تقليص حجم الجرائم في بعض أحياء الدراسة الحالية والمستقبلية، لعل من أهمها تقليص انتشار الطرق النافذة من جميع الاتجاهات لبعض أحياء مدينة الرياض.