ملامح الحسن في الجوازات النحوية

الملخص AR

إن للنحو العربي في تراثنا أحكاما عدة على النص و الحكم في معناه الظاهري سلطة «ومفهوم السلطة يمكن أن ينير لنا بعض الأعماق»^([1]) و تلك الأحكام التي سيطرت على النص من كل جهة فأزالت الشك و الشبهة في نفوس السامعين أو القارئين كان مردها أدلة قوية أيدتها و حفظت النص من الشوائب التي قد تلحق به أو فلنقل حفظته من تأويل يذهب به إلى مذاهب غير مرادة من صاحب النص.

ولما كان للنص القرآني قدسية خاصة و كان لكلامه سبحانه و تعالى تأويلات عدة أرادها لعباده فقد جرى عليه الحكم النحوي بمراتبه الثلاث الواجب و الجائز و الممتنع.

و مرتبة الجواز هي المرتبة التي تظهر الأوجه المختلفة للحكم النحوي على النص فيما يقبله التأويل أو المعنى و تظهر عبقرية اللغة وسعة إدركها و تأويلاتها المتنوعة و تظهر من ناحية أخرى عبقرية علمائنا و نضوجهم الفكري في تناول النص القرآني وسعة أفقهم في قبولهم لأكثر من حكم يدور مع تأويل النص و كثيرا ما يستحسنون وجها نحويا بعينه دون إلغاء ما ليس بقبيح أو ممتنع.

و أعلى درجات مرتبة الجواز (الحسن) و هو الذي يصل إلى حد ما قبل الوجوب و يعبر عنه الأصوليون بالمندوب و أدنى هذه المراتب (القبيح) و هو الذي يصل إلى حد ما قبل الممتنع و يعبر عنه الأصوليون بالمكروه.

ومادة هذا البحث هي كتب إعراب القرآن بداية من كتاب معاني القرآن للفراء (ت207 هـ) إلى كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون للسمين الحلبي (ت 756هـ) و مع اختلاف مناهج مؤلفي كتب إعراب القرآن من ناحية ذكر الأوجه الجائزة و الاستحسان منها أو إخراج الأوجه الجائزة عن حيز الجواز و الاستحسان إلى حيز الترجيح و ارتفاع وجه و إسقاط باقي الأوجه بالتضعيف أو عدم ذكر الأوجه الجائزة و الاكتفاء بالراجح فقد كان النظر و التتبع للاستحسان من الأوجه الجائزة محلا للدراسة يسعى الباحث إلى وصف طرقه و بيان ما يستند عليه و استنتاج أهم مقاصده.

وقد اعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي في دراسة جوانب الموضوع و إبراز مافيه من رؤى نظرية و تطبيقية.