قراءة حول مفاهيم التركيب اللغوي في فكر عبد القاهر جرجاني

Abstract AR

لما أردت معرفة ما كتبه) الجرجاني) في) دلائل الإعجاز)، وجدت أن الفكرة قد سبقني إليها العديد من المفكرين والدارسين؛ الذين يجمعون على أن هذا العالم الفذ يتفق من قريب أو بعيد مع كثير مما توصل إليه علم اللغة الحديث، وبخاصة حول موضوعات لها علاقة مباشرة بحقل) نحو النص (، وذلك بالنظر إلى الأبواب البلاغية التي طرقها كباب: (الحذف والذكر(و)التقديم والتأخير) و) الحقيقة والمجاز) و) الاستعارة(و)الكناية)..

وغيرها، لأنها موضوعات مرتبطة بمدى تقبل المتلقي للنص، والأثر الذي يتركه في نفسه.

هذا البحث يحاول أن يقدم للقارئ، تصور لساني تراثي مفاده أن) عبد القاهر الجرجاني (قد تفطن من خلال ما كتبه في (دلائل الإعجاز (، إلى أن اللغة ليست مجوعة من الألفاظ؛ بل مجموعة من العلاقات الدلالية.

دلالات الممارسة النصية، في فكر الجرجاني: نظر علماء اللغة العرب إلى اللغة بوصفها نظاما منضبطا، يتكون من وحدات ذات مواصفات يحددها) علم الصرف (، وتتعلق هذه الوحدات داخل الجملة وتتلاءم، فينشأ عن هذا التلازم معنى نحوي، يتغير بتغير العلاقة التي تربط هذه الوحدات، ويتم ذلك طبقا لضوابط (علم النحو).

وقد كان علم النص، ملتقى تتعاون فيه جملة من العلوم لفك شفرته، وما سبق طرحه متصلا بمفهوم النص عند المحدثين، كان " قد دار بخلد بعض القدماء؛ عند العرب في الكشف عنه، وبخاصة التي عنيت بالنص القرآني، كعلوم نحو اللغة وعلم المعاني في البلاغة العربية وعلم أصول الفقه، وما عنيت بالدلالة الذهنية وعلاقة (الدال) بـــ (المدلول) من جهود الفلاسفة، واعتبار النص وحدة أيدلوجية؛ ويعكس جزءا من ذلك نقولات كثيرة عنهم، عندما يفرقون بين ألفاظ النص ومبانيه من جانب وروحه ومقولته من جانب ثان".

لقد سعى (الجرجاني) سعيا حثيثا، من أجل تقديم وجهة نظره حول موضوعات لها علاقة مباشرة بحقل (نحو النص)، وبيان آليات انسجامه، وذلك من خلال دراسته لموضوعات بلاغية أساسية منها: (الحذف والذكر) و(التقديم والتأخير) و (الحقيقة والمجاز) و (الاستعارة و (الكناية) و (التعرض)..

وغيرها "إذ هي موضوعات مرتبطة، بجودة النص وأثره في المتلقي، وتؤثر في تمايز النصوص بعضها من بعض، ولا ترتبط بموضوع كيفية بناء النص من حيث هو نص، وقوانين إنشائه مباشرة، وإن كانت ذات أثر فاعل في تحديد مفهوم النص ذاته، مع أن كثير من الدارسين رأوا في دراسة تلك القضايا في دلائل الإعجاز وعيا من (الجرجاني) بنحو النص".

وقد كان في مرحلة متأخرة سبقت عصر (الجرجاني)، تم الفصل بين علمي التصريف والنحو- عصر) ابن جني) مثلاً-، أما قبل هذا التاريخ، فكانت مشاغل اللغوي، نحوية وصرفية ولغوية- (الخليل) وابن فارس (مثلا-، ومشاغل النحوي، لغوية ونحوية وصرفية بل وصوتية (سيبويه مثلاً-.

وفي عصر عبد القاهر الجرجاني (تآلفت علوم اللغة النحو والبيان وعلم المعاني (، وبدا النحو علماً شاملاً، يجمع إلى الإعراب دراسة التركيب والبيان.