الجوانب االقتصادية للدعاوى الجماعية

Abstract AR

يظهر الجانب الاقتصادي لموضوع الدعاوى الجماعية عندما يكون هناك العديد من الأفراد أصحاب الحقوق الموضوعية المشروعة، و التي يكون مصدرها القانون أو العقد أو المسؤولية التقصيرية، و هؤلاء الأفراد لا يكون لديهم القدرة أو الملاءة الاقتصادية للحصول على هذه الحقوق، وذلك بسبب ارتفاع التكلفة الإجرائية اللازمة للحصول على هذه الحقوق مقارنة بالقيمة الفعلية لهذه الحقوق، أو مقارنة بقيمة التعويض الذي يمكن الحصول علية.

و تزداد المشكلة تعقيدا عندما يكون الإنفاذ الحكومي للقوانين الموضوعية التي تحكم هذه الحقوق غير فعال أو غير موجود أصلا، وذلك بسبب عدم كفاية الموارد الاقتصادية للدولة لوضع هذه القوانين موضع التنفيذ.

و يتمثل حل هذه المشكلة في اللجوء إلى الإنفاذ الخاص للقوانين، و خاصة إنفاذ التشريعات الاقتصادية، مثل قوانين مكافحة الاحتكار، و قوانين حماية المستهلك، و قوانين الأوراق المالية.

و يؤدي الإنفاذ الخاص للتشريعات الاقتصادية بالتبعية إلى تحقيق الكفاءة الاقتصادية، وذلك عن طريق ضبط السلوك الاقتصادي للجهات و المؤسسات الاقتصادية الفاعلة في السوق.

و يعتبر التقاضي الجماعي من أفضل الأليات القانونية الإجرائية التي تستخدم للإنفاذ الخاص للقوانين كبديل للتنظيم الحكومي.

وقد تم تفعيل نظام الدعاوى الجماعية كأداة من أدوات التقاضي الجماعي في العديد من النظم القانونية المقارنة، وقد ثبت فاعليتها في تحقيق الإنفاذ الخاص للتشريعات الاقتصادية.

و بالنظر إلى عمليات الإنتاج الضخم، و عمليات التسويق الشامل و الاندماج و الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الشركات و الدول، و كذلك تطور نظام الاتصالات السريع في جميع أنحاء العالم، فقد يتضرر مجموعة كبيرة من الأفراد بطريقة متماثلة، و هذا الضرر قد يكون بسبب الممارسات الموحدة للشركات الكبيرة أو أحد منتجاتها.

وعادة ما تكون دعاوى التعويض الفردية قليلة القيمة، و لكن من الممكن أن يتحول مجموع هذه الدعاوى إلى أرباح كبيرة وغير مشروعة بالنسبة لهذه الشركات.

و تقدم الدعوى الجماعية حلا لهذه المعضلة الاقتصادية، وذلك من خلال تجميع الدعاوى الفردية في دعوى قضائية و احدة، و التي تكون مجدية اقتصاديا من حيث تكاليف عملية التقاضي.

و بالتالي، يمكن للدعوى الجماعية أن تكون أداة لقلب الدفة لصالح مجموع الأفراد ذات الوضع الاقتصادي الأضعف.

فالدعوى الجماعية هي أداة قانونية تسمح برفع الدعاوى قليلة القيمة، و بالتالي تحقق هذه الدعوى أهداف التعويض و الردع و إنفاذ القوانين.

و الهدف من ذلك الردع هو تحفيز الجهات الاقتصادية الفاعلة على أن تأخذ في الاعتبار القيمة المتوقعة للأضرار أو الخسائر التي يمكن أن تنتج عن تصرفاتهم غير القانونية، وذلك عند اتخاذ القرارات الخاصة بطرح منتج أو خدمة معينة، وكيفية تصميمه، و إنتاجه، و توزيعه، و تسويقه، وكيفية التعامل مع موظفيهم.

و تعمل الدعوى الجماعية على تحسين الكفاءة الاقتصادية عن طريق استيعاب الأثار الخارجية السلبية للمعاملات الاقتصادية، و كذلك تعمل على تأكيد الدور الفعال لقانون المسؤولية التقصيرية في التقليل من حوادث الضرر.

و من الناحية الاقتصادية، تعتبر الدعوى الجماعية محاولة للاستفادة من فكرة اقتصادات الحجم الكبير، أو وفورات الحجم في مجال الإجراءات القانونية.