منهج التحليل النصي في تفسير العهد الجديد من خلال النظرية البنيوية عند رولان بارت: سفر أعمال الرسل أنموذجا

Abstract AR

شهد الفكر الغربي و لا يزال تطورا و تقلبات فكرية كبيرة في مختلف الحقول المعرفية، و عرف ولادة مناهج جديدة في شتى الميادين البحثية، جاءت بنتائج مغايرة للكثير مما كان سائدا خلال فترات طويلة من تاريخ المعرفة الإنسانية، وقد لاقى بعضها استحسانا نتيجة تلائمه مع طبيعة بعض التخصصات ولما أثرى به نتاجها و أدواتها البحثية، بينما لاقى بعضها معارضة شديدة بسبب تضاربها مع الأيديولوجيات و التوجهات الفكرية و خاصة اللاهوتية، و يعتبر النص الديني أحد المظاهر التي تؤكد ذلك، فقد كان يمثل الركيزة الأساسية في الفكر اللاهوتي المسيحي، و تفسيره كان خاضعا لسلطة المؤسسة الدينية و ما تحدده من أدوات و مناهج و طرق للتحليل و التأويل، لكن التطور الذي شهدته العلوم الإنسانية و الإجتماعية و بالخصوص تلك الثورة المنهجية التي طرأت على ميادين الدراسات الأدبية و الألسنية و اللغوية، و الإهتمام باللغة الإنسانية و رموزها و أشكال الأصوات، قد ألقى بظلاله على الدراسات التفسيرية للكتاب المقدس التي حاول من خلالها بعض رواد الفيلولوجيا و التفكيكية و السيميولوجيا.

.

إلخ، من المدارس الأدبية اقتحام ميدان اللاهوت باعتبار أن السلطة الكنسية قد زالت بظهور عصر التنوير و لا شيئ يحجر علىى عقل الإنسان من أجل فهم المقصود من هذه الكتب خارج الفهم الذي أحاطت المذاهب اللاهوتية نوصوصها الدينية، و تعتبر البنيوية كنظرية معرفية و فكرية جديدة في عالم الفكر واحدة من المنهاج التي اقتحمت ميدان تفسير النصوص الدينية، و التي شكلت الموضة الفكرية لمنتصف القرن العشرين، و تنبأ لها الكثيرون بالنجاح الباهر و نظروا إليها نظرة ميسيانية و كأنها الخلاص من الغلافات التي غلفت بها الكثير من النصوص في مختلف فروع المعرفة الإنسانية كالفلسفة و الأدب و اللاهوت.

.

.

إلخ؛ فكانت بمثابة انقلاب كوربنيكي على التوجهات الفكرية السابقة، و يسعى هذا البحث إلى تسليط الضوء على النظرية البنيوية و إقدامها على ولوج عالم اللاهوت و دراسة النص الديني، اعتمادا على المفكر الفرنسي و البنيوي"رولان بارت"، الذي قام بدراسة تطبيقية أسقط من خلالها مجموعة من الخطوات و الآليات و القواعد البحثية التي استفادها من جهود سابقيه، و مما نظر له بنفسه محاولا تشكيل فرع معرفي جديد يهتم بالنص الديني الذي يرى بأنه يحمل الكثير من المحكيات، أو القصص، و لهذا فـ"بارت"بإقدامه على هذا النوع من الدراسة كان يهدف إلى شيئ أكبر من تفسير للنص أو شرح له، و إنما نحو التقعيد و التنظير لعلم جديد و منهج بحثي جديد يسعى إلى دراسة بنية النص، ألا و هو علم السرد، أو التحليل البنيوي للسرد أو المحكي أو القصصي، و هذا ما سنعرضه في هذا البحث.