المصالحة الجمركية في القانون المغربي

Abstract AR

تملك إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة صلاحية تحريك الدعوى العمومية و ممارستها، إما بصفة مشتركة مع النيابة العامة في الجنح أو لوحدها في المخالفات من أجل أن يتم صدور حكم قضائي من الجهات القضائية، لكي يتم معاقبة المخالف طبقا للقانون، و أيضا من أجل استيفاء حقوقها، غير آن كثرة المخالفين و ارتكابهم لعدد كبير من الجرائم الجمركية، و أهمها جريمة التهريب جعلت المحاكم تعاني اكتضاضا في عدد القضايا الجمركية المسجلة يوميا، هذا فضلا عن الإجراءات المطولة التي تأخذها القضية، مما يجعل إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة في حالة انتظار لاستيفاء حقوقها، لذا خول لها المشرع صلاحية فض النزاعات الناتجة عن خرق القوانين و الأنظمة في الميدان الجمركي، عن طريق عقد مصالحة مع المخالفين لهذه الأنظمة.

و لقد أبانت الممارسة العملية لمسطرة المصالحة الجمركية أنها عمل إجرائي تترتب عليه آثار قانونية، تؤدي إلى انقضاء الخصومة سواء قبل رفع الدعوى أو بعدها، بل حتى بعد صدور الحكم النهائي و تملك فيه إدارة الجمارك سلطة تقديرية واسعة لا تخضع لأي رقابة قضائية أو إدارية.

و على مستوى آخر تندرج المصالحة الجمركية ضمن ما يمكن تسميته ببدائل الزجر الجنائي و اعتبارها مؤسسة قانونية تهدف إلى الحل الرضائي للمنازعة الجمركية بصفة خاصة، و سقوط حق الدولة في العقاب بصفة عامة، مما يجعلها تختلط مع مجموعة أخرى من المؤسسات التي تهدف إلى نفس الغايات تتوفر على نفس الخصائص، و بالتالي فهي قد تتشابه، مع مجموعة من المساطر القانونية التي تشترك معها في الأثر المترتب عنها و هو إنهاء المنازعة بالطريق التوافقي و هذا ما يجعل المصالحة الجمركية مسطرة بديلة لحل المنازعات بسمات متميزة عن الصلح المدني و الصلح الجنائي.

و تماشيا مع منهجية البحث سنتطرق لمفهوم المصالحة الجمركية-مبرراتها-و شروطها في (الفقرة الأولى) ثم بعد ذلك تتناول آثار المصالحة سواء تجاه طرفيها أو تجاه الغير في (الفقرة الثانية).