ظاهرة الترديد في شعر أبي تمام : دراسة إيقاعية جمالية

Abstract AR

في البلاغة العربية هو ( أن يأتي الشاعر بلفظة متعلقة بمعنى، ثم يرددها بعينها متعلقة بمعنى آخر في البيت نفسه، أو في قسيم منه)) (1).

و قد أسماه بعضهم التعطف (2)، و في ذلك تجوز و اتساع.

و إنما شرط التعطف أن تورد اللفظة متعلقة بمعنى آخر في عجز البيت، بينما تكون الأولى في صدره.

فقد ذهب صفي الدين الحلي إلى أن التعطف شبيه بالترديد في إعادة لفظة بعينها في البيت و لكن العبرة بمكان وقوع اللفظة المرددة، و ثبوت أن ((التعطف)) شرطه أن تكون إحدى كلمتيه في مصراع من البيت و الثانية في الآخر ليشبه مصراعا البيت في انعطاف أحدهما على الآخر بالعطفين في كون كل عطف منهما ميل إلى الجانب الذي يميل إليه الآخر (3).

و من فروقه أيضا أنه لا يشترط فيه أن تعاد اللفظة بصيغها، بل بما يتصرف منها أيضا ))(4).

و لكننا مع هذا المسعى الدقيق في التصنيف لا يسعنا إلا أن نعد التعطف ضربا من الترديد، و لنسمه تجوزا ((الترديد بالتعطف)).

ذلك أن ضروبا كثيرة من البديع بأن تدرج ضمن كليات تتفرغ صورا أو أشكالا تجنبا لكل مظاهر اللبس و التداخل مما قد يخرج المصطلح مما وضع له إلى مفاهيم أخرى تنأى به عن الغرض المقصود.

فالترديد هو ظاهرة لغوية طبيعتها صوتية محضة، و لكنها لا تهمل الجانب الدلالي الذي تؤديه من خلال علاقاتها التركيبية.

بل إنهم احترزوا فيها من تناقص الفائدة، لذلك اشترطوا تعلق اللفظة بمعنى آخر من البيت.

و هو الأمر نفسه الذي أقره أبو هلال العسكري بقوله ((من غير أن تكون إحداهما لغوا لا يحتاج إليها (5).

و إذ يبرز الترديد ظاهرة صوتية قوامها التكرار و الاعادة، فهو يشكل من زاوية النظرهذه مظهرا ايقاعيا لعب فيه ذكر اللفظة ثانية دورا موسيقيا حرا لا يتقيد فيه الشاعر- و لا الناشر-بمواضع من النظم معينة، و إنما تتمدد المواضع بمقتضى التركيب و السياق اللذين يتناسب طردا مع ايقاع البحر المعتمد من قبل الشاعر.

و قد ذكر الترديد في الشعر العربي حتى عدّه علماء العربية مزية من أهم مزايا الإبداع الشعري خاصة، فأفردوا له هذا الباب من البديع.

و هو في نظر أبي رشيق (( شائع في أشعار المحدثين أكثر جدا منه في أشعار القدماء.

و العلماء بالشعر مجمعون على تقديم أبي حية النميري )).

و مع كل هذا، فأننا نؤشر مبدأي الائتلاف و الإختلاف أساسا لدراسة الترديد على أن تكون المظاهر الأخرى روافد مدعمة للتحليل، مقدرة لنضج الايقاع وجلائه.

و عليه فالترديد، من هذا المنطلق نوعان : ترديد مناسبة عروضية، و ترديد اشتقاق.