الكفاءة اللغوية و تعيين الانزياح

Abstract AR

الملكة اللغوية هي إحدى ملكات العقل في الجنس البشري التي جعلها ابن خلدون صفة راسخة في متكلم اللغة الذي نشأ بصورة طبيعية في بيئتها، حيث يقول : فالمتكلم من العرب حين كانت ملكة العربية موجودة فيهم يسمع كلام أهل جيله و أساليبهم في مخاطباتهم و كيفية تعبيرهم عن مقاصدهم، كما يسمع الصبي استعمال المفردات و معانيها فيلقنها أولا ثم يسمع التراكيب فيلقنها كذلك، ثم لا يزال سماعهم يتجدد كل لحظة، و من كل متكلم و استعماله يكرر إلى أن يصير ملكة وصفة راسخة و يكون كأحدهم.

عملية الاكتساب هذه تستمر طالما كان الفرد عضوا في جماعة، و الذي يعنينا هنا هو كيفية كسب الطفل للغة لأنها هي العملية التي نستطيع بعدئذ على أساسها أن نقرر معنى السليقة اللغوية.

لكن اللغة لا تحدث بالسليقة و بالطبع فقط، إذ على الرغم من أن المتكلم لديه الاستعداد للتكلم إلا أن هذا الاستعداد الفطري لا يتم إلا بالاعتماد على التعلم و التدريب المستمرين من أجل اكتساب لغة البيئة التي تنشأ فيها.

فالإنسان يملك كفاءة لغوية قد انطبع عليها منذ طفولته و خلال مراحل اكتساب اللغة فهو يتمثل قوالب اللغة المحكية حتى تصير مع الأيام نماذج يصب فيها عددا لا يحصى من التراكيب.

إن الملكة لا تحصل بالنظر إلى المفردات و إنما تحصل بالنظر إلى التراكيب لأنها هي التي تعكس النظام اللغوي لدى المتكلم، و بهذا يمكننا تعريف الكفاءة اللغوية بأنها : تملك لتنظيم لغوي بالسليقة، أي : أنها تتصف بطابع اللاشعور، و أنها ترد إلى عملية تحقق لاشعورية لسياق الكلام يعيه المتكلم بقدر ما ينطق به.