الصراع الحضاري بين الغرب و الإسلام و مصير الحضارة الإسلامية في القرن الحادي و العشرين : دراسة تحليلية

Dissertant

الغزال، علي أحمد محمد

Thesis advisor

شوقي بشير عبد المجيد

University

Omdurman Islamic University

Faculty

Faculty of Theology

Department

Department of Islamic Faith

University Country

Sudan

Degree

Master

Degree Date

2006

Arabic Abstract

مما لاشك فيه أن الإسلام منذ ظهوره شكل متغيرا فاعلا في تاريخ الحضارات الإنسانية، لأنه دين و حضارة، بخلاف الديانات السماوية الأخرى، لذلك كان و لا يزال ينظر إليه في الغرب نظرة شك و ريبة و خوف.

هذه النظرة تزداد حدة و عمقا و نحن ندلف بوابة القرن الحادي و العشرين، لقد انتشر في الغرب الخوف من الإسلام_و هو خوف غير مبرر_و أصبح الإسلام يوصف بالعدو البديل_بعد الشيوعية التي سقطت_و الخطر القادم الذي يهدد حضارة الغرب ، و بدأ الترويج لنظرية صراع الحضارات، و صرنا نرى اليوم و بدون أدنى شك استعدادا غربيا لصراع جديد ضد الإسلام و المسلمين، غير أن هذا الصراع مختلف هذه المرة عما عهدناه من الغرب، فالمسألة ليست احتلالا لبلدان العالم الإسلامي و نهب خيراتها، فهذه قد عرفناها و تعاملنا معها و لم تعد تخيفنا.

إنه يريد أن يفرض علينا صراعا يريده الحلقة الأخيرة في تاريخ صراعاته مع الإسلام و المسلمين، إنه يريد في هذه المرة القضاء التام على الإسلام تاريخا و حضارة و مفهوما و رسالة و رمزا.

هذه الدراسة تتعرض لمفهوم وحقيقة هذا الصراع و أسبابه عبر مراحله التاريخية الطويلة، أي منذ ظهور الإسلام و حتى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد و العشرين، و في سبيل الوصول إلى هذه الغاية ركزت الدراسة على توضيح الصورة المرسومة في الوعي الغربي عن الإسلام و المسلمين لأنها ترى فيها أحد دوافع هذا الصراع، و قد لاحظت الدراسة أن موقف الغرب من الإسلام في العصور الوسطى قد حددته محطتان، الأولى : ضرورة الاستفادة منه كونه الأقوى و الأعلم في ذلك الوقت.

و الثانية : التصارع معه و التصدي له باعتباره عقيدة غريبة و معادية.

و ضمن هذا التوجه ترجم القرآن الكريم إلى اللاتينية، و ظهرت كتب المجادلة مع المسلمين، و بدأت محاولات التبشير بالمسيحية بين المسلمين، أما في العصر الحديث الذي شهد تغيرا في ميزان القوى لصالح الغرب على حساب الحضارة الإسلامية، فقد اختلق الغرب جملة من التشويهات و الصور القائمة على قوالب ذهنية لغرض تبرير دوافعه الدينية، و تسويغ و تعزيز أطماعه الاستعمارية ومصالحه السياسية ، لقد اختزل كل ما في الحضارة الإسلامية من ثراء إلى مجموعة جاهزة من المفاهيم و القوالب الذهنية الثابتة ، و التي لا تختلف كثيرا عما كانت عليه في القرون الوسطى، يضاف إليها نظرة استعلاء و تفوق ترى في الغرب أصل الحداثة و التنوير و العقلانية و الديمقراطية، في حين أن المسلمين غير مستنيرين، و لم يتجاوزوا الكوابح القديمة في مسيرتهم الحضارية.

أما اليوم و العالم بأسره يتحول نحو الألفية الثالثة فإن الصور القديمة الراسخة في عقلية الغرب عن الإسلام و المسلمين قد تحولت من المفهوم الديني إلى المفهومين السياسي و الاقتصادي، و جاءت كتابات و مؤلفات الاستشراق الجديد لعقلنة سيطرة الغرب على الوطن العربي و الإسلامي، و لتجعل من الدفاع عن المصالح الاقتصادية و السياسية مبررا لهذه السيطرة.

لكن نظرية صدام الحضارات بعثرت الأوراق و قلبت المفاهيم و أعادت الأديان على رأس الصراع المرتقب، لتعلن و بدون مواربة عن أن الصراع القادم هو صراع حضاري في المقام الأول، و أن الحضارة الإسلامية هي الحضارة المتحدية لحضارة الغرب.

و خلصت الدراسة إلى أن علاقة الغرب بالإسلام محكومة إلا فيما ندر بفكرة الحرب و الصراع، ففيها كثير من سنوات الغضب بل و الحروب، فقد بدأت العلاقة و الغرب ينظر إلى الإسلام على أنه خطر، و تحول بعد ذلك إلى مشكلة، ثم عاد منذ منتصف القرن العشرين ليطل من وجهة نظر الغرب كخطر مرة أخرى.

و أما عن أسباب هذا الصراع فإنها تنحصر ما بين : تخوف الغرب من الإسلام دينا و حضارة، إلى اختلاف الرؤية الكلية للوجود و ما وراء الوجود في الحضارتين الإسلامية و الغربية، و صولا إلى نظرة الاستعلاء للحضارة الغربية على بقية الحضارات الأخرى و محاولتها بسط هيمنتها على العالم اليوم.

إن أولئك الذين قال فيهم رب العباد "كنتم خير أمة أخرجت للناس" أولئك الذين حملوا مشعل أعظم حضارة في تاريخ الإنسانية، هم اليوم يتلمسون طريقهم في ظلام دامس، صاروا نكته سمجة يتندر بها أعداء الأمس و اليوم و غدا !.

إن الحضارة الإسلامية تقف اليوم في مفترق طرق، و يلح عليها اختيار مصيري لا يمكن أن ينتظر أكثر مما انتظر، و العالم من حولها لن ينتظرها حتى تقرر، الحضارات الأخرى تزحف عليها كل يوم، و تحتل موقعاً من ذاتيتها و تمحي جزءا من شخصيتها.

الدعوة لإحياء الحضارة الإسلامية، و الإشارة إلى الطريق المؤدي إلى ذلك، هو جوهر هذه الدراسة وغايتها، و لا أظن أن هناك غاية أنيل من هذه.

!! في سبيل تحقيق هذه الغاية النبيلة تتبعنا الحضارة الإسلامية بالدراسة و التحليل في أصولها العقيدية، و مسيرتها العلمية، فكانت الأصالة هي السمة المميزة سواء في العقيدة التي انطلقت منها أو في العلوم التي أنتجتها.

هذا ما وجدناه حتى عند الآخر "الغرب" الذي يكن لها العداء.

و كان القصد من ذلك تعزيز الثقة بالنفس، و العودة القوية لروح هويتنا العربية الإسلامية و ذاتنا الحضارية، و النفخ فيها بقوة، و تطهيرها من رواسب و أعراض الأحقاب السابقة، و الإيمان بقدرتنا الحضارية على تجاوز المحن و العراقيل، و لكي تكتمل الفائدة و نأتي بالجديد لذي يجعل من هذه الدراسة شيئا مفيدا، لا بد من تحديد و رسم الطريق-طريق النهوض بالحضارة الإسلامية–و هي و لاشك من أعقد المسائل و أكثرها إلحاحا على العقل العربي و المسلم منذ بداية عصر النهضة حتى اليوم، و قد تطرق إليها العديد من الكتّاب و المفكرين بالدراسة و التحليل، و كانت نتائجهم انقسامهم إلى فريقين أحدهما يرى أن لا سبيل للنهوض الحضاري إلا بالعودة للأصول الأولى التي مكنت المسلمين من بناء حضارة عريقة، و الآخر يرى أن ذلك كان من الماضي و التاريخ لا يعيد نفسه، و الحل هو في تقليد الغرب و لا شيء غيره. رصدت الدراسة هذين الاتجاهين، حللت منطلقاتهم و منابعهم و تعرفت على أقطابهم، و لاحظت عجزهم الواضح.

لقد تاهوا جميعا عن الطريق المؤدي للنهوض بالأمة الإسلامية و الأسباب عديدة و متعددة، و هي مفصلة في ثنايا هذه الدراسة. تبقى إذن مسألة الموقف من معطيات الحضارة المعاصرة دون انفتاح إلى حد الاستلاب و انغلاق إلى درجة الجمود، أو تكيف إلى حد التأرجح و الذوبان مع فقدان الذات من المسائل التي تؤرق المجتمعات العربية و الإسلامية، لارتباطها بالتحرر و بجوهر التحولات الحضارية المستهدف تحقيقها، و إذا كان مظهرها الخارجي يوحي ببساطتها، فإنها في جوهرها تعتبر من المسائل المعقدة، لأنها تحتاج إلى إيجاد المقاييس و المعايير النابعة من ذاتية هذه الأمة و رسالتها المجيدة، و هذه المقاييس و المعايير لا تأتي إلا عبر نظرية شاملة تكون المنهج، و تحدد الرؤية في التعامل مع حضارة العصر. لأن من يمتلك نظرية شمولية بقيمها ومقاييسها و معاييرها قادر على أن يغوص عبر الإبداع في ذاته بحثا عن قيمه الأصيلة، و صولا إلى ترسيخ القواعد الطبيعية كمقياس و مرجع في علاقاته مع غيره ليؤسس عبرها مناهج و أداة التفاعل مع الآخرين. و بناء على ذلك تتمسك هذه الدراسة بالنظرية العالمية الثالثة، و ترى فيها الصيغة المعاصرة و المعتمدة كليا على الرؤية الإسلامية للشورى و للعلاقات الإنسانية السوية و الطريق الآمن الذي يعيد للحضارة الإسلامية مجدها و عزتها. في نهاية هذه الخلاصة أقول : هذه الدراسة ما هي إلا قبسا ضئيلا لم أبلغ بها من اليقين درجة تتجلى بها كل حقيقة، أو تنكشف بها كل ظلمة، و لكني أضفتها إلى مصباح هذه الأمور لعل زيتها يضيء، فيعمل الباحثون على إحياء حضارة الإسلام.

Main Subjects

Religion

Topics

No. of Pages

178

Table of Contents

فهرس المحتويات / الموضوعات.

الملخص / المستخلص.

المقدمة.

الفصل الأول : ماهية الحضارة.

الفصل الثاني : أصالة الحضارة الإسلامية.

الفصل الثالث : الصراع الحضاري بين الغرب و الإسلام.

الفصل الرابع : مصير الحضارة الإسلامية.

الخاتمة.

قائمة المراجع.

American Psychological Association (APA)

الغزال، علي أحمد محمد. (2006). الصراع الحضاري بين الغرب و الإسلام و مصير الحضارة الإسلامية في القرن الحادي و العشرين : دراسة تحليلية. (أطروحة ماجستير). جامعة أم درمان الإسلامية, السودان
https://search.emarefa.net/detail/BIM-355263

Modern Language Association (MLA)

الغزال، علي أحمد محمد. الصراع الحضاري بين الغرب و الإسلام و مصير الحضارة الإسلامية في القرن الحادي و العشرين : دراسة تحليلية. (أطروحة ماجستير). جامعة أم درمان الإسلامية. (2006).
https://search.emarefa.net/detail/BIM-355263

American Medical Association (AMA)

الغزال، علي أحمد محمد. (2006). الصراع الحضاري بين الغرب و الإسلام و مصير الحضارة الإسلامية في القرن الحادي و العشرين : دراسة تحليلية. (أطروحة ماجستير). جامعة أم درمان الإسلامية, السودان
https://search.emarefa.net/detail/BIM-355263

Language

Arabic

Data Type

Arab Theses

Record ID

BIM-355263