معايير جودة استثمار أموال الوقف

Abstract AR

يعد الوقف بمفهومه الواسع أصدق تعبير، و أوضح صورة للصدقة التطوعية الدائمة.

بل له من الخصائص، و المواصفات ما يميزه عن غيره، و ذلك لعدم محدوديته، و اتساع آفاق مجالاته، و القدرة على تطوير أساليب التعامل معه.

و كل هذا كفل للمجتمع المسلم التراحم، و التواد بين أفراده على مر التي مرت بها الأمة الإسلامية خلال الأربعة عشر قرنا.

فنظام الوقف العصور بمختلف مستوياتها السياسية، و الاقتصادية، و الاجتماعية الماضية مصدر مهم لحيوية المجتمع، و فاعليته، و تجسيد حي لقيم التكافل الاجتماعي التي تنتقل من جيل إلى آخر، حاملة مضموناتها العميقة في إطار عملي يجسده وعي الفرد بمسؤولياته الاجتماعية، و يزيد إحساسه بقضايا إخوانه المسلمين، و يجعله في حركة تفاعلية مستمرة مع همومهم الجزئية، و الكلية.

و ينظر كثير من الباحثين إلى نظام الوقف باعتباره أحد الأسس المهمة للنهضة الإسلامية الشاملة بأبعادها المختلفة الاقتصادية، و الاجتماعية، و السياسية، و العلمية، لذا فقد اتجهت الأنظار إليه مرة أخرى بعد تغيب دوره العظيم لعقود طويلة باعتباره البذرة الصحيحة لبداية النهضة الشاملة لجميع مجالات الحياة في الأمة المسلمة.

و لعل من المبشرات في ذلك أن الندوات عن الوقف أخذت تتري على امتداد العالم الإسلامي، فما إن تختم ندوة إلا و تبدأ أخرى، و الشك أن البداية الصحيحة لعودة الوقف إلى مكانه الفاعل في دولاب العجلة التنموية الشاملة هو إثارة الشعور، و استنهاض الهمم نحو تجلية حقيقته، و الدور الذي قام به سابقا.

و سيحاول هذا البحث الإشارة إلى الكشف عن المحددات، و الضوابط، أو المعايير الشرعية التي تقف وراء شكل العملية الاستثمارية للمال الوقفي، و الدور الذي يؤديه في حياة المجتمعات الإسلامية، بأبرز سمات التكاتف و التعاضد التي تفرد المجتمع المسلم، و تميزه بها عن غيره من المجتمعات.