منهج المدائني في التعامل مع الإسناد في الخبر التاريخي

Abstract AR

يهتم الباحث الجاد بمسألة الخبر التاريخى اهتماما له طابع شمولي؛ من حيث محتواه وناقله وحامله عند المسلمين، وموضوعيته، وأحيانا مقاربته مع الأخبار المتشابهة له عن طريق إخباريين ورواة آخرين؛ هذا الاهتما الشمولي ينعكس على مصداقية البحث التاريحي بدأ علم التاريخ مرتبطا بعلم الحديث، واستمد قاعدته العلمية الأولى من علم الحديث، ليدل بوضوح على أهمية التحقق من مصداقية الخبر عن الناقلين والحاملين للخبر قبل أن يتم التدوين بصورته الواسعة، وكان للعبارة التي أطلقها سفيان الثوري أثر كبير في خدمة هذا الاتحاه، عندما قال: "لما اخترع الرواة الكذب اخترعنا لهم التاريخ لتعني الاهتمام بالبحث ليس في محتوى الخبر التاريخي بصورته المجردة، بل بمن نقل الخبر؛ أي البحث في تاريخ الرواة.

وهذا كان الدافع وراء ظهور مؤلفات التراجم والوفيات والطبقات وكتب تواريخ الرجال، لتؤسس هذه المصادر مرجعيات للتأكد من صحة الأخبار عن طريق التثبت من الناقلين والرواة والمؤرحين .

والمدائني يعرف بأنه شيخ الإخباريين المسلمين، ومن الأوائل الكبار الذين كانوا عمدة في العناية بالإسناد للتحقق من قيمة الخبر التاريخي، ويسجل للمدائني أنه أحدث تطويرا في الإسناد؛ فقد اعتنى بصورة لافتة بما يسمى بالسئد الجمعي الذي من خلاله تطورت الكتابة التاريخية من حيث الاستغناء عن التكرار والإطالة؛ إذ عوض إيراد عدة روايات ذات محتوى واحد بأسانيد مختلفة يتم فيها استعراض المحتوى بإدماج الأسانيد المختلفة، ومن ثم تغليب المحتوى التاريخي للنص على السئد؛ بمعنى أن الأولوية باتت لروح النص التاريحي