الرواية و المتعالي الأسطوري

الملخص AR

تكمن أهمية الأسطورة في الإنتاج الأدبي في كونها المادة الأولية لأي فعل تخييلي سردي السرد الروائي.

حتى أصبحت النصوص السردية الحديثة و المعاصرة، لا يمكنها تحقيق شعريتها و متعتها دون الاستلهام من الأسطورة بنائيا أو فكريا، ففي النص الواحد يجمع الكاتب بين أساطير التراث العالمي، بصفتها تيمات متعالية تتماهى ضمن النسق الفني لحظة الكتابة قصدا أو عن غير قصد.

أو في تلك الفنيات السردية التي يحاول الروائي أسطره بعض تأثيثاته السردية حين يرتفع بالحدث أو الشخصية إلى مستوى البنية السردية في لغتها المؤسطرة أو في تخيلها ذي الوقع الأسطوري دون اللجوء إلى الاستعانة بالتيمة الأسطورية بصفتها نصا سرديا متعاليا.

و ذلك عن سبيل فعل الأسطورة بغية ترسيخ جذور الأدب برحم الأسطورة في بعدها الإنساني و التاريخي و حتى في جانبها الفني الجمالي.

و باعتقاد منظري المنهج الأسطوري القائل بأن الأدب عبارة عن أسطورة منحولة أو أن الأدب كله أسطورة منزاحة عن أصولها فهم يجردون باعتقادهم هذه الأعمال الإبداعية التالية للأسطورة من جينة الخلق و الإبداع و لا يرون فيها سوى كونها.

تعديلا لتلك الأسطورة، فإن ذلك ينفي عن الإبداع طبيعته الحية التي تأبى الانصياع لمقاييس ثابتة، كما ينفي عنه كونه نشاطا تخييليا تتجدد أسئلته بتجديد أسئلة الواقع و مثيراته..

فالأسطورة مرجع جمالي و فكري يغتذي و يغتني منه الأدب، و ليست أسرا للروح الإبداعية و خنقا لأنفاسها التجديدية، و لا قيدا لبغيه الكاتب في التعبير عن قضايا عصره و حاجيات مجتمعه.

وذا كانت الأسطورة هي خلاصة الإبداع البشري لأول، فإن الرواية من منظور آخر متخيل سردي مفتوحة على جميع الأجناس الأدبية بما فيها أنها توظف الأسطورة نفسها و تتعامل معها عل أساس أنها عنصر فعال في بناء الرؤيا الفكرية و الإبداعية للروائي.

لقد أتاحت آليات التضمين و التعالق تجديد النفس الحكائي و السردي للرواية المعاصرة، و بذلك أسعفت الروائي على استثمار أشكال تعبيرية و فنية تاريخية و أسطورية و غيرها في تجديد أدواته الإبداعية، و هو ما أكسب الرواية أنفاسا متجددة باعتبارها رئة تتنفس بأكثر من متنفس و شريان و نافذة، فهذا التعالق و الاستثمار المتنوع و تجديد الحديث باستمرار في المفردات و التركيب و أساليب السرد و بنية المحتمل قواعد رؤية الواقع و الحقائق و البديهيات في علاقتها بالكتابة و بالمتلقي ..

كل هذا كان يتغذى من رئات أخرى ذات بنيات مختلفة يتم تحويلها عل سكتي الفني و الإيديولوجي.